أحن لبيت

أامنـلى بيت
أنا نفسى فى بيت بيطل عليك
بيتى ومطرحى
حاسس البيت ده هيبقى بيتي

"انتي إيه حكاية البيوت معاكي؟"
تسألني صديقتي متعجبة لتترك لي تلك الدهشة "من نفسي"، فأنا لم أدرك فيما أفكر وأنا أضع تلك الأغانى في قائمة واحدة لأسمعها اليوم..
يزعجنا الآخرون حينما يكشفون إلامَ ترمي نفوسنا؟ بسرعة تسبقنا نحن أصحابها ورغم جميع ادعاءاتنا عن قربنا البالغ منها!!

كنت أردد قبلاً :"أنا محتاجة جدا لميناء سلام"، ألم يعد ذلك الميناء كافٍ لها بعد اليوم؟! أملت "نفسي" وحشته؟ افتقادي للناس خلاله، ذلك التواصل الحميم الذي لم يعد موجودًا بدفتر مواعيد فارغ داخلى.!! وأنا أوحد نفسي مع ميناء خالٍ؟ أكانت تبحث عن حياة ممتلئة بالأشياء؟ وكنت أتعنت أنا بهذا الميناء بحجة بعض السلام؟!! أتراها لم تعد ترغب بشيء سوى بيت؟!

حميمية الجدران، صور رفاقها وصور أخرى تشبهني معلقة هنا وهناك.. أن تألف أصوات جيران وحركات دبدباتهم فوق سقفها..  تهرب لذلك الكرسي -الذي رغبت فيه كثيرًا لتريحها هدهدته بعد يوم عمل شاق- تقرأ كتابًا أو فقط تستمع لصوت أم كلثوم يغني "انت عمري".. تنقل عينيها بين قطتها التي تعبث بخيوط السجادة بالقرب منها، وبين الساعة المعلقة فوق الحائط تعد ثوانيها فدقائقها فساعاتها.. تلك الأشياء التي تفصلها عن قدومه.. لتحتضنها عيناه وتقبلها كلماته.. تنتابها الراحة اذ اتخذ أريكتها مقعدًا يغوص داخلها، يسألها صوته: "ماذا أعدت لغدائهم؟ أم سيكتفي برؤيتها لتحليته!".. تشعر بالألفة مع أشيائه ملقاة هنا وهناك، صوت التليفزيون الذي نسيه منذ الأمسِ دون أن يطفئه، ولمساته التي لازالت عالقة على كوب مشروبه.

ربما تفتقد نفسي حميمية الأشياء، أن يسكنها البعض بغير "رحيل"، يصعب علىّ أحيانًا أن أتخيل أنى قد أبرح ميناء سلامي الذي آلفت غربته.. ولكن لم يصعب علي قط أن أتمنى أن أجد لى بيتا ترحب به نفسي.
نعم، أعترف... أحنُ لبيت..!


الكاتب:  باسنت خطاب المدوّنة: برة الكادر
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة