لغز السعادة

لغز حار فيه الكثير، وعنوان تصدر العديد من أغلفة الكتب، وأمل بات البحث عنه أمرًا يؤرق البشر أجمعين في كل لحظة يعيشونها، فمن منا لا يبحث عن السعادة؟! ومن منا لم يترك الحزن آثارًا في قلبه؟!... بالطبع لا أحد.

البعض يتخيل الموضوع في غاية البساطة ويعتقد يقينًا بأن السعادة أنْ يقف المرء أمام المرآة ويردد قولة "أنا سعيد" ثلاث مرات كل صباح فيصير سعيدًا! بالطبع هذا ضرب من الجنون فالسعادة ليست كلمة تخرج مِن الشفاه بل إحساس ينبع من القلب، فإذا كنت سعيدًا صار مظهرك جميلاً وكلماتك طيبة ونفسك نقية وقلبك طاهرًا وعيناك لا ترى إلا كل شئ جميل.

نعود لنتسائل، هل السعادة في إسعاد الآخرين..؟ أم في القناعة بما لديك وعدم التطلع إلى ما في أيدي الناس...؟ أم في التفاؤل والأمل في الغد...؟ أم في راحة البال حين تضع رأسك في نهاية اليوم المكتظ بالعمل الشاق على وسادتك فتنام نومًا عميقًا بلا كوابيس مزعجة...؟! أم في العثور على شريك الحياة والحب والارتباط...؟ أم في الرضا بقضاء الله وحمده على الضراء قبل السراء...؟

أم أنَّ السعادة هي خلطة سحرية من كل ما سبق، قليل من هذا وكثير من ذاك فتصبح سعيدًا مرتاح البال تعلو الابتسامة وجهك ولا تخشى المصائب لأنك تعلم يقينًا بأن كل شئ مُقدر ومكتوب عند الله عَزَّ وجلّ.

البعض يصف ما يحيط بنا بأنه لا يدعو للسعادة مطلقًا فالهموم صارت كالأفاعي الضخمة تلتف حول النفس لتفتك بها فتتركها هشة تتحطم لأتفه الأسباب، ولنا أن نعلم في ذلك أنَّ السد المنيع بينك وبين السعادة هو انشغالك الدائم بهموم الحياة وتحويل ساعاتك وأيامك وسنينك إلى سعي وركض دائم وراء الهموم بأشكالها المختلفة كالطعام والشراب والملبس والمسكن والدراسة والعمل والزواج والإنجاب....إلخ.

لم أطلب منك ألا تفكر في أساسيات الحياة، لكن لا داعي لأن تغرق نفسك في بحورها وتظل ليلاً ونهارًا تقضي وقتك في الانشغال بها، وتذَكر دائمًا، مع أول محاولة مِنك لأن تريح نفسك من عناء التفكير في هموم الحياة فستشعر حينها بإحساس مختلف، بالإضافة إلى الخلطة السحرية التي ذكرناها من قبل، وحتمًا ستحظى بالسعادة وراحة البال.
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة