ضريبة الأنوثة

السادسة والنصف صباحًا والطريق خاليٌ تكتنفه البرودة والصقيع.. أخرج من بيتي جريًا حتى ألحق بحافلة السابعة صباحًا. لم أنم.. لم أذاكر جيدًا و الامتحان بعد ساعتين و نصف. أفكر في كل المحاضرات التي حضرتها عبثًا لأقنع عقلي بتقبل تلك المادة، أفكر في كل الأوراق والملخصات التي لم أستطع أن أفهمها في فصل دراسي كامل، وعليَّ أن أحفظها في ساعتين و نصف!
أقسم وقتي في رأسي بينما أهرول.. في تمام السابعة أركب الحافلة، سأقرأ ما أعرفه في مدة نصف ساعة، وأحاول أن أغفو ربع الساعة الباقية، حتى وصولي أمام الجامعة في الثامنة إلا الربع أذاكر ما لم أذاكره في التاسعة، أدخل اللجنة أقسم وقتي..
آخد نفسًا عميقًا، أضم أطراف معطفي لصدري، أهرول في الطريق، فجأة يقطع عليَّ الطريق ثلاثة شبان، يلتفون في دائرة من حولي..أحاول أن أهرب من الطوق الذكوري الذي يحاصرني.. عبثًا أحاول والدائرة تضيق... تضيق الدائرة، يهرب الوقت و معه أعصابي وأملي في النجاح
أشعر بأن الفخ قد أحكم من حولي، أقف مكاني و قد شلني اليأس، أشعر أني ما عدت أملك ما أخسره في هذه اللحظة التي سمعت فيها دقة السابعة.. أغمض عيني لثانية قصيرة، أفتحها، وأرفع يدي أهوي على وجه الشاب الذي يواجهني بصفعة مدوية.. أصفعه، وأصفع الحافلة، ودقة السابعة، والمادة التي لم أعرف فيها حرفًا بعد والأمتحان. أصفعه وأصفع المجتمع الذي عاقبني لأني أنثى تسير في الطريق في السادسة و النصف صباحًا بدون حماية أو صحبة.. أصفعه فتفتح الدائرة من حولي وأظل أبكي حتى التاسعة صباحًا.
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة