يقظة اجتماعية في مسجد الإنسانية

يشكل المسجد نواة الأمة الإسلامية كما تشكل العائلة نواة المجتمع، حيث هو مركز التخطيط تطلعًا للمستقبل المتعارف عليه في مشارق الأمة و مغاربها، أو بالأحرى كان..

فقد المسجد أحد أدواره الرئيسية ألا وهي بناء الأمة و تكوينها عمليًا، نفسيًا واجتماعيًا. نظرة تحليلة سريعة على واقع أغلب المساجد في بلداننا تظهر أنها عبارة عن دور عبادة لا غير، تعمر في أوقات الصلاة لأداء الفريضة وتفرغ في أخرى، وبين الحين والآخر قد نجد بعض دروس العلوم الشرعية هنا وهناك بالنسبة للمهتمين بها، ولا جديد في حال الأمة إذ غيبت ركيزة أساسية في دور المسجد ألا وهي التعارف بين المرتادين له؛ بمعنى التواصل الاجتماعي المؤطر البنّاء ذي الأهداف التنموية الروحية الترفيهية التخطيطية التثقيفية التعليمية التدريبية الإستراتيجية. إذ هو واعتمادًا على الواقع نجد أنه من بين أكثر المؤسسات زيارة من طرف المسلمين مما يجعله هدفًا استراتيجيًا مهما وذا فعالية في تقدم الأمة إن استعمل واستغلت كل الإمكانيات القاصدة لنهضة الأمة والرقي بها درجات لسماء العظمة الحضارية.

من بين الأمثلة البسيطة التي قد تجعل من المسجد منفذًا وأريجًا لتنوير الأمة ولو محليًا على نطاق الأحياء: اتخاد موعد أسبوعي فيه مع سكان الحي من بعد صلاة عصر آخر يوم في الأسبوع للتشاور في أمور الحي والتخطيط لازدهاره، كما تسطير مختلف النشاطات الترفيهية كما التثقيفية والتعليمية المقررة في إطار الأسبوع الموالي، وفتح باب للنقاش وطرح الآراء والأفكار في إطار تواضع المسجد وحميميته، مما يؤكد ويفعل الدور الهام والأصلي له في تنمية الأمة في جميع نواحي الحياة. كما مثال آخر وهو أن يجهز بتجهيزات وتسهيلات تضيف له قيمة معنوية وحضارية مثل مكتبات تضم مختلف الكتب عن مختلف العلوم، وورشات لتعليم الحرف والمهن، كما قاعات للمحاضرات وأماكن للتأمل، وأخرى لازدهار الأطفال وتفريغ طاقات الشباب، وصرف أموال المساجد في أشياء قد تحدث تغييرًا فعلاً في "شخصية" الأمة، عوض صرف أغلب الميزانية في الأضواء والزرابي و"الديكورات" التي قد تكون ثانوية في غياب القيم العلمية والثقافية والاجتماعية للمسجد باعتباره نواة الأمة وقلبها النابض. الأفكار كثيرة وغالبيتها بسيطة، لكن أثرها فعال سواء على المدى القصير أو الطويل.

تفاديًا للإحراج و جوابًا للسائل عن ضعف الميزانية المالية لإحداث مثل تلك التجهيزات أو بالأحرى تطبيق إحدى الأفكار البسيطة التي لا تحتاج لمورد مالي ضخم، أقول له: ومن أين حصلت "شاكيرا" على تلك النقود مقابل ساعتين ديال النشاط؟!
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة