Chak De India 2007

ما دمنا سنكتب يوميًا.. فلا مشكلة حسب اعتقادي في أن نكتب عن الأشياء التي نحبها.. إن اقترنت بأشياء أخرى نحبها أيضًا.. كالعمل.. والسينما..

و باعتبار أنني من هؤلاء المنتمين إلى علم الإدارة قلبًا وقالبًا ومهنةً، فإنني سأكتب اليوم عن عمل سينمائيّ جيد، ربما لأنه يتحدث عن الرياضة، عن روح الفريق، لكنه في الواقع إن تم تجريده من كل الأحداث الرياضية، لوجدناه مثالاً جيدًا لدرس هام في الإدارة، ألا وهو أن تعمل وسط فريق، وأن تقبل برئيس ربما لا تحبه كثيرًا.. وأن تنجح بالرغم من ذلك..!!

هذا الدرس هو قلب النجاح في غالب الأشياء، وفي غالب الأمور والمشروعات، ولو أنني قلت إن ذلك الدرس هو الدرس الوحيد الذي يضمن النجاح لأي مشروع أو نشاط لما بالغت أبدًا..!!

العمل السينمائي هنا.. هو فيلم ينتمي إلى بوليوود المفرطة الألوان والنشاط.. فيلم Chak De India.

يبدأ الفيلم بمشهد متوتر من مباراة كأس الهوكي النهائية، بين طرفي الصراع الدائمين الهند وباكستان، حيث تقدمت باكستان بهدف واحد على الهند، ويبدو في المشهد البطل كابير خان (شاه روخ خان) كرئيس فريق الهند، الذي يفقد ضربة الجزاء الوحيدة التي لو نجحت لضمنت التعادل الذي سيؤهل المنتخب الهندي للعب ضربات جزاء ترجيحية، لربما فازت بها الهند وحصلت على الكأس.

يحمّل الإعلامُ البطلَ وزر الخيانة، يغضب الناس الذين يعتبرون خسارة الهند أمام باكستان هزيمة كهزائم الحرب التي تدخل في نطاق الشرف والأمانة بعد أن انتشرت صورة لكابير خان وهو يهنئ لاعبي باكستان بفوزهم على الهند، فيحرقون نماذج قطنية له ويكرهونه كمجرم.

في قرية كابير خان الصغيرة ، يغضب منه الناس أيضًا، فيكتب أحدهم على سور بيته الخارجي كلمة "خائن" بعد أن استطاع الإعلام أن يطبع في عقول الناس أن كابير خان باع شرف الهند لباكستان وباع منتخب بلاده لباكستان وهو أمر انعكس طول الوقت في عينين حزينيتن مليئتين بالإصرار للمهزوم كابير خان، الذي غادر قريته إثر اتهام أهلها له بالخيانة، و بدا مشهدًا حزينًا وهو يغادر مع والدته أمام أهل القرية.

بعد سبع سنوات وثلاثة أشهر وأربعة عشر يوماً يعرض كابير خان على مجلس رياضة الهوكي في بلاده أن يقوم بتدريب فريق النساء بنفسه، فيذَكّره رئيس المجلس بماضيه ثم يهزأ منه قائلاً: "أن فريق هوكي النساء في الهند لا يستطيع أن يتفوق على فريق مدرسي أروربي، فكيف سيكون حاله في كأس العالم؟، وإن كل النساء اللاتي في الفريق التحقن به وهن لا يهمهن حقًا أن يكُنَّ لاعبات، بل لأن الملتحقين بالفرق الرياضية يحصلون على شققٍ ووظائف حكومية، وهذا هو كل هدفهن ليس أكثر"

ولعدم وجود مدرب لفريق النساء، يقبل رئيس المجلس الرياضي وجود كابير خان على مضض ويعطيه الوظيفة التي تتضمن فرصة ليرد كابير خان شرفه وسمعته وليصلح ما اعتقد الناس أنه أفسده منذ سبع سنوات.

لاعبات الهوكي في الفيلم هن ست عشرة فتاة بست عشرة قصة، وكان لكل منهن في الفيلم مشكلة شخصية انعكست على روح الفريق بالسلب وجعلت لكل واحدة منهن مشكلةً في التكيف، و كلما رأى المدرب ذلك قام بعقابهن لأنهن يفَتِّتن روح فريقهن وستتم هزيمتهن بسهولة.

ومن الشخصيات البارزة كومال الصغيرة الجسد والعنيفة أيضًا، التي تشبه الصبية المراهقين في كل شيء، فكأنها صبي بالفعل، وبريتي سابريفال المخطوبة للاعب كريكيت ذكوري التفكير -الكريكيت هي اللعبة الرياضية الأولى في الهند- يقلل من شأنها ومن شأن ما تهتم به، واللاعبة الخبيرة بنديا التي تحتقر كل اللاعبات لانعدام خبرتهن، ثم تقوم بتحريضهن على التوقيع على طلبٍ بإقالة المدرب كابير خان صاحب التدريبات المهلكة المنهكة والعقوبات القاسية والتي رأت بنديا أنها تضر الفريق ولا تفيده.

ثم طلب المدرب كابير خان من الفتيات أن يأخذهن إلى الغذاء مرة أخيرة قبل أن يذهب عن فريقهن إلى الأبد، وفي المطعم يتعرض أحد الشباب لإحدى لاعبات الفريق ويتحرش بها لفظيًا، فتقوم فتاة أخرى بصفعه فترتفع حدة الشجار حتى تشتبك الفتيات مع كل الشباب في مصارعة وعراك حاد، ولا يتحرك كابير خان من مكانه ليراقب أن الفتيات بالفعل صرن فريقًا واحدًا، كما أراد دائمًا أن يعلمهن عندما قال: "إن لاعبات هذا الفريق يجب أن يلعبن من أجل الهند أولاً، ومن أجل زميلاتهن ثانيًا ومن أجل أنفسهن إن تبقى لهن أي وقت".

تبدأ الفتيات بالاعتذار لكابير خان الذي يقبل اعتذارهن، والذي لازال أمامه شوطًا طويلاً لإقناع مجلس رياضة الهوكي بأن الفتيات يستطعن اللعب من أجل الهند، وأن مستواهن صار أفضل، إلا أن رئيس الاتحاد يقرر الاحتفاظ بميزانية سفر الفتيات إلى كأس العالم ليوفرها من أجل فريق الرجال الذي يحصد عادة ميدالية برونزية في كأس العالم، خاصة وأنه يتوقع أن فريق النساء سيخرج من البطولة بعد مباراتين أو ثلاث على أقصى تقدير، فيتفق معه كابير خان أن يلاعب فريق النساء فريق الرجال، وإن فاز فريق النساء فإنهن سيذهبن إلى البطولة، وحين تأتي المباراة فإن الفتيات يلعبن بشكل مشرف يجبر رئيس المجلس على الموافقة على سفرهن، وبعد عدة مباريات يتمكن الفريق من انتزاع كأس العالم بسلاح واحد، وهو روح الفريق ليس أكثر.

في المشهد الأخير نرى كابير خان يعود إلى قريته فخورًا، رافعًا رأسه بصحبة والدته إلى منزله القديم، ثم يلمح طفلاً يمحو كلمة خائن التي كتبت قديمًا على سور بيته.

الفيلم عمل سينمائي رائع، و هو في رأيي من أدوار شاه روخ خان الجيدة، وتم بذل الكثير من الجهد الواضح في كل مشهد وفي كل تفصيلة صغيرة.. وهو من إنتاج ياش راج عام 2007.


 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة