من ستختار لمنصب رئيس الجمهورية القادم؟

كثيرًا ما تم توجيه هذا السؤال لي في الفترة الأخيرة (مع منافسة شديدة من سؤال آخر هو "الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً؟) وكانت إجابتي دائمًا هي (هذا المرشح أو ذاك المهم هو البرنامج الانتخابي) وهي إجابة كانت تستفز السائل دائمًا، لأنه يبحث عن اسم محدد ولا يبحث عن رموز أو طلاسم، ولا أدري سبب تمسك البعض أن أذكر لهم اسمًا محددًا، فأنا فعلاً لن أذكر اسمًا محددًا لأن معيار الاختيار عندي مختلف عما هو عند الآخرين، فهناك من سيختار بناءً على التوجه الديني، وهناك من سيختار بناءً على الكاريزما الشخصية، وهناك من سيختار بناءً على الانتماء السياسي، وهناك من سيختار بناءً على البرنامج الانتخابى... إلخ، كما أنني لا أحب إضاعة الوقت في الجدل الذي سيدور فور ذكر اسم مرشح معين، حول أسباب اختيار فلان أو عدم اختيار علان، ومحاولة البعض التأثير على رأيك، ولو أدّى ذلك إلى ارتفاع الصوت وتسلل الحدة إلى النبرات، وربما ينتهي الجدل (كما رأيت في بعض الحالات) بخلاف بين الأشخاص، أنا لا أحب أن يوَجَّه لي هذا السؤال، لأن الإجابة عليه مكانها صندوق الانتخاب، كما أنني لا أحب أن تؤثر إجابتي على رأي السائل، مثلما لا أحب أيضًا محاولة التأثير على رأيي الخاص، فلكل منا عقل يفكر، ويستطيع الاختيار بناءً على توجهاته الخاصة، ناهيك عن استحالة وقوع هذا التأثير فى بعض الحالات (فمثلا لن تتمكن من إقناع أحد السلفيين باختيار محمد البرادعي، أو توجيه أحد الليبراليين لاختيار حازم صلاح أبو إسماعيل "مع احترامي لكل المرشحين وتقديري لهم").
كانت إجابتي "هذا المرشح أو ذاك المهم هو البرنامج الانتخابي" هذه الإجابة أصبحت مختلفة الآن فجميع المرشحين أعلنوا أنهم مع الدولة المدنية والتوجه الديمقراطي، وأنهم ينوُون تنمية الاقتصاد المصري، وتحسين أوضاع الصحة والتعليم والبحث العلمي، وأن جميع المرشحين متنَبّهون لمواجهة المدّ الصهيوني في أفريقيا، وأهمية إقامة علاقات مميزة مع دول حوض نهر النيل... إلخ، حتى أن البرامج الانتخابية أصبحت متقاربة ومتشابهة في كثير من الأحيان، ولكنى لم أجد في أي برنامج انتخابي من الذين طالعتهم حتى الآن (حيث لم أطالع كل البرامج الانتخابية بعد) آليةً لتنفيذ هذا البرنامج، أو طريقًا محددًا لتحقيق الوعود الانتخابية على أرض الواقع، فلم أسمع أن مرشحًا ذكر ضمن ما ذكر أنه مثلاً حينما ينوى تطوير التعليم، كيف سيوَجّه الموارد المالية اللازمة لهذا التطوير؟ ومن أين سيتم توفير هذه الموارد؟ وما هي الآلية التي يراها مناسبة لإحداث هذا التطوير؟ (فعلى سبيل المثال، هل ستكون طريقته في تطوير طريقة التدريس والمدرس؟ أم تطويرًا للمناهج؟ أم للمدارس؟ أم كلهم مجتمعين؟ وما هي الكيفية التي سيؤدي بها كل هذا؟ وكيف سيتم توفير الأموال اللازمة لذلك؟ وما هي أوجه الصرف الأخرى في ميزانية الدولة التي سيقتطع منها فارق الميزانية المخصصة للتعليم والبحث العلمي).
لذلك، فلكل من سألني عن اسم مرشح محدد سأختاره لقيادة مصر للسنوات الأربع القادمة، أجيب أني سأختار المرشح الذى يحدد طريقة واضحة ومحددة منذ الآن لتنفيذ توجهاته السياسية ووعوده الانتخابية، بشرط أن تكون متّسِقة مع السياق العام لأفكاري وقناعتي السياسية والدينية والاجتماعية، وإنني سأحاول جاهدًا ألا أقع أثناء اختياري تحت تأثير كاريزما المرشح، أو خلفيته السياسية، أو عدد مؤيديه أو معارضيه، ولا حتى تحت تأثير برنامجه الانتخابي البراق إذا خلا من تحديد لطرق تنفيذه، أو على الأقل عرض صورة عامة لطريقة تحقيق هذا البرنامج عند الوصول لسدّة الحكم.
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة