التجنيد الإجباري

يقولون إنه واجب وطني.. وأظن أنها خدعة كبيرة تبرر تجنيد الآلاف من أبناء الوطن للعمل لصالح المؤسسة العسكرية.. والحقيقة أن الواجب الوطني هو أي عمل شريف متقن.. عامل النظافة الذى يتقن عمله فيجعل شوارع مصر نظيفة هو عمل وطني.. الفلاح، العامل، الموظف، الطالب، كلهم بالشرف والإتقان يخدمون هذا البلد العريق.. بل بالعكس، إن توظيف تلك الطاقات البشرية في غير محلها هو أهدار للعمل الوطني ومصلحة البلد.. فلا معنى لخريج هندسة أو تجارة أو أية كلية أن يكون مجندًا فى الجيش، لا يعمل فى المكان الذى من المفترض أن يعمل فيه.. وأن أفراد الجيش سواء كانوا ضباطًا أو عساكر يجب أن يكونوا من خريجي الكليات العسكرية، ليس من الكليات المدنية.

الحقيقة أن المؤسسة العسكرية تبني قوتها من هؤلاء الآلاف المجندة الذين يعملون لصالح الجيش حتى أصبح لها النوادي والمستشفيات والمصايف، وكل ذلك لأفراد الجيش فقط وليس للعامة، على الرغم من أن كل ذلك من عرق ومجهود ومال أبناء الوطن.

يقولون إنهم مصنع الرجال.. وهذا الكلام إهانة بالغة لشباب مصر.. عندما يقول أحدهم إن الجيش سيصنع منك رجلاً .. لا يا سيدي، شباب مصر رجال.. عندما نادتهم مصر خرجوا غير مبالين بالقنابل والرصاص وقسوة البرد وقت الثورة.. وكان للشباب وقفات يشهد لها التاريخ.

القوات المسلحة تعرف جيدًا أن المجندين لا يرغبون فى دخول الجيش.. ويكفى أن تُلقي نظرة على الراغبين في التجنيد، فستجد الأغلبية قد علّموا على قائمة "لا أرغب".. ولا أرى أي منطق يجعل القوات المسلحة ترفض الآلاف من الراغبين للالتحاق بالكليات العسكرية بعد الثانوية العامة، بسبب أسباب أكثرها تافهة، والكثير يخرج من كشف الهيئة الذي ليس إلا معرفة من معه واسطة.. وفي نفس الوقت، تأخذ نفس تلك الآلاف للتجنيد الإجباري بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية.. إذا كان الجيش يحتاج أعدادًا أكثر فليقبل ما يرغبه من العدد من المتقدمين للكليات العسكرية.. وسيكونون أكثر تدريبًا وخبرة من المجندين أجباريًا.

في النهاية، أنا لا أشك أبدًا بأن إذا حدثت حرب سيتقدم شباب مصر لدخول الجيش، ومضاعفة عدده أضعافًا مضاعَفة.. ولكننا اليوم نحتاج أكثر أن يعمل كل شخص في مكانه الطبيعي حتى يتقدم بلدُنا إلى الأمام.
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة