رصيف نمرة خمسة والعالم زحام

-1-
" أنا هجيلك اسكندرية .. إحم .. مش باخد رأيك على فكرة، أنا جاية فعلاً .. هجيبلك معايا برقوق ، أنا كارماك أهو ! الكيلو بعشرين جنيه حضرتك و احنا ف آخرالشهر... هجيب نص كيلو،، هيكفينا، أحسن انت شكلك داخل على طمع... وهجيب اتنين فليك بس على الله ميسيحوش،، لو ساحوا كل واحد يبقى ياخد بتاعته وأما يروّح يحطها في التلاجة وياكلها بعدين... المهم نعمل الطقس بتاع تبادل الشيكولاتات ، ده مهم ...

أنا هجيلك اسكندرية ... أنا لازم أجيلك
هجيلك ! "

-2-
الانتظار على رصيف -5- في محطة مصر بصحبة علبة بلاستيك مليئة بالبرقوق كان ممتعا بفعل اللهفة، مرهقا بفعل الشمس الحارقة وتورم قدميها تبعا لانخفاض الضغط.. اختيار قطع الملابس التي توحي بحالة متخيّلة في بالها كان نوعا من الفانتازيا الصباحية التي جعلتها تضحك من قلبها أمام المرآة قبل أن تغادر البيت،، وتقول بصوتها العالي: " يا خبر اسوح ع الجنان !!".. إلا إن القطارات الصباحية لا تأتي في ميعادها أبدا.. قطار الساعة التاسعة يصل في التاسعة والثلث.. وهي هناك منذ الثامنة والنصف .. من بعد نصف ساعة أخرى من التسكع، لأنها لم تنم أصلاً..

يبتل قميصها في منطقة منتصف الصدر بفعل العرق فتبدأ في دفع قماشه جيئة و ذهابا، وتطلق زفيرا تحمّله آثار الحر على روح محاطة بالنور منذ البارحة، ولا تريد قتل فرحتها بشيء.. مقعدها في القطار يتشرب الشمس مثلما يتشرب قميصها العرق... تخبئ علبة البرقوق في القطعة التي يحيطها قليل من الظل في المقعد، وتفكر في أن البرقوق الساخن لن يفرحه كما تريد.. فتستمر في إطلاق زفراتها لتبتعد بهذه الهموم الصغيرة عن حيز المقعد، لأنها لو "استفردت" به، لقتلت كل شيء..

-3-
مغادرة رصيف -5- في محطة مصر بحذاء ملوث برمل سكندري وعلبة بلاستيك فارغة وملوثة بآثار أصابع غامقة تتفاوت في الحجم.. كان حدثا تاريخيا في حياة فتاة لا تفهم في هذا العالم الكبير شيئا محددا.. هي تعرف فقط أن نجاحها في إسعاد أحدهم يجعلها بخير.. وأن البرقوق قد يصبح لذيذا جدا،، حتى و إن كان ساخنا...


الكاتب:  ريهام سعيد المدوّنة: على بالي
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة