الكثير الكثير من المحرّمات حرّمها علينا المجتمع بحجة الدين، وما هي بالدين، ودائمًا ما ينتهي النقاش بأنك تكفر بدين الله أو أنك شخص غير محترم، وتبحث عن أسباب تبرر بها فُجرك وغبائك و و و...
لقد خلقنا الله أحرارًا.. خلق لنا عقولنا نفكر بها.. فلماذا يجب أن نعتمد في حياتنا على ثوابت ترَبَّينا عليها دون أن نفكر إن كانت صحيحة أم خاطئة؟ إن كانت ظلمًا أم عدلاً ؟ إن كانت خيرًا أم شرًا؟ إن كانت أفضل ما في الوجود أم أسوأ شئ فيه؟
لماذا يتعمّد المجتمع أن يغرس فينا كراهيه كل جميل.. فحين تسأل عن أغلب الأشياء تجدها عيبًا أو حرامًا أو ممنوعةً أو أو أو!!
ألا نعرف تعريفًا محددًا للحرام والحلال؟.. الحرام هو ما كان فعله محظورًا بحكم واضح وصريح من الله.. وما غير ذلك فهو حلال.. والفرض هو المفروض الواضح والصريح أيضًا من الله.. الفرض والتحريم هي صفات اختصَّ بها اللهُ نفسَه، فلا يجوز لأي إنسان –مهما كان- أن يحرّم ما لم يحرّمه اللهُ في كتابه، أو يفرض ما لم يفرضه اللهُ في كتابه.. سواء إن كان بتحليل أو تفسير أو غيره، فما هي إلا اجتهادات.
إذَن، فالأمر انتقل من كونه صراعًا بين الإنسان والدين، إلى كونه صراعًا في كيفية تفسير آيات الله.
والمشكله رغم بساطتها تكمن في مساحة الحرية والبراح التي تركها لنا الإسلام.. يري البعض أن هذا البراح وُجد ليكون اختبارًا للناس، ومدى قدرتهم على الالتزام بالرؤية الصارمة في النَّص القرآني والسنة النبوية وسنن التابعين ووو.. ويري البعض وجود البراح ليترك المساحة مفتوحةً لتشمل كل الأهواء دون قيد أو حدود إلا قليلاً جدًا.
و أنا أرى أن المساحة مفتوحة ليتأقلم الدين أينما وُجد، ويناسب كل العصور والمجتمعات، ويتشَكّل بشكلِها.
إذَن فالدين ببساطته وسماحته يسمح لنفسه أن يشَكّلَه المجتمع.. فلا يجب أن نفرض فروضًا مجتمعية ونعتبرها فروضًا دينية، ونضع أنفسنا مكان واضعنا، ونحاسب بعضَنا البعض.. ولا يجب أن نتهاون ونستغل هذا البراح ونكَفّر من يعتقد بشدة الإسلام وتشدُّدِه.
لأنه وبكل بساطة سيأتي يومٌ ونكون جميعًا بين يدي الله، وسيكون أحدنا مُصيبًا والآخر مخطئًا، ولن نستطيع حينها أن نتمسك برأينا وننسى آراء الآخرين.. وإذا كنت أنت المخطئ أيًا كانت أفكارك، فسيحاسبك اللهُ على نواياك، وبمقدار حجم عقلك المحدود دون مقارنة بالآخرين الذين من الممكن أن يكونوا مخطئين أيضًا في فهمهم لمراد الله.
إذَن فحتى فكرة الحساب والعقاب بها من البراح ما يكفي بما يسمح لنا بالتفكير وتحليل جميع النصوص ورؤيتها بمنظور صحيح من وجهة نظرنا، أو وجهة نظر السابقين سواء السلف أو المفكرين والعلماء، ولو كانت مختلفة مع الآخرين.. فلقد كان الإنسان في بعض مراحل حياته يرى أنّ مخالفة المحظور أو الممنوع تسبب له العمى أو المرض أو الموت.. أي أن أوهام المجتمع صوّرت له ذلك حينها، والحقيقة التي نعلمها الآن تختلف عن ذلك (ما نعلمه حتى الآن).
إذَن فالدين سمح للمجتمع بأن يشكله.. ونحن جزء وثيق من المجتمع.. فمن حقنا أن نشكل هذا المجتمع لما نراه صالحًا لنا وللمجتمع ككل.. من حقنا أن نُعمِل عقولنا بما لا يتنافى مع الفروض الصريحة والمحرّمات الصريحة بالقرآن.