تطفيش عروسة

«إنت فين يا حسن» هكذا سألتني أختي سلمى تليفونيا فقولت لها: «أنا عند أسامة صاحبي في حاجة ولا إيه؟!».. فقالت: «طب تعالى بسرعة عشان في مفاجأة في البيت أو ممكن تقول مصيبة مش عارفين نتصرف فيها».. فقولت لها: «إيه مصيبة!! مصيبة إيه؟ فيه إيه يابنتى».. قالت وهي تضحك: «يعم ما تقلقش.. تعالى بس بسرعة وإنت تفهم بس قبل ما تدخل البيت إديلي رنة عشان أفتحلك الباب وأفهمك»..

وبسرعة البرق ذهبت إلى البيت منزعجا وأبحث في عقلي عن ماهية تلك المفاجأة التي تندرج تحت بند المصيبة.. وعند إقترابي من باب البيت رنيت على سلمى ففتحت ليا الباب وقولت لها هامسا: «ها فيه إيه؟».. فقالت: «ما تتخضش أوي كدة ياسيدي هي حاجة نكتة الصراحة».. قولت: «نعم!! نكتة إيه إن شاء الله».. فقالت «وإحنا قاعدين في أمان الله أنا وماما.. لقينا جرس الباب بيرن.. مين يا سيدي».. قاطعتها: «ها إخلصي».. تابعت: «رانيا جارتنا هي ومامتها».. تساءلتُ: «طب ماشي يعني أنا مالي.. هما أول مرة يعني ييجوا عندنا».. فقالت: «يعم صبرا شوية.. إنت إيه».. قلتُ: «طب كملي يالِمْضَة».. قالت: «المهم يا سيدي بعد السلامات والتحيات والبوس والمدح في صفات وأخلاق وجدعنة وجمال الموقرة بنت الحسب والنسب رانيا والكلام اللي مالوش لازمة لمدة ساعة عرفنا هما جايين ليه».. «أيون لييييه؟؟» هكذا سألتُ.. قالت: «بيقولوا إنهم سمعوا إن سارة ومامتها طلبوا إيدك فَهمّا بيقولوا إحنا أولى»..
بضحكة سخرية قلتُ: «وهما أولى ليه بأه إن شاء الله».. أجابت سلمى: «والله حضرتك إحنا إستعجبنا كده بالظبط وسألنا نفس السؤال ده برده.. فقالت مش إحنا قرينا فاتحة رانيا وحسن وهما صغيرين وبعدين إحنا جيران والجار أولى بالشُفعة».. فاستطردتُ: «وأنا بأه الشُفعة.. ياحلاوة ياولاد».. ردت سلمى: «مظبوط كدة».. قلتُ: «طب بقولِك إيه هما عارفين إن أنا جاي؟».. قالت: «إيه النباهة دي وكنت يعني هاقولك ماتدخلش إلا أما أكلمك».. قلت: «طب كويس أنا هاخلع أنا بأه.. ولو ماما سألتك قوليلها مش بيرد ع التليفون».. قالت لى: «لأ ما ينفعش أصلي ماما هي اللي خلتني أكلمك وقالت ماحدش هايعرف يتصرف معاهم إلا حسن».. قلت: «ممممم طب خلاص إستعنا ع الشقا بالله.. بقولك إيه فيه مانجة في التلاجة؟».. قالت: «أساسي يا بني.. ماما عاملة حسابها تحسبا لأى عريس ليا أو عروسة ليك..هههههههه».. قلت: «طب ظبطي الأمور في المطبخ على ما أغير هدومي وأجيلك.. بس حاولي تكون الكوبايات مش نضيفة أوي ما يستاهلوش أصلاً».. ودخلت إلى غرفتى وأخذت أبحث عن حيلة أُطفش بها رانيا وأمها إلى أن وجدتها..
فقد قررت أن ألبس شورت وفانلة كت كنوع من الإستهزاء وذهبت إلى المطبخ وقلت لسلمى: «البضاعة جاهزة ياتوكتوك».. فقالت: «كله في السلانكتيه ياشَنكلة».. فقلت: «بقولك ايه ياد يا توكتوك.. ما ألاقيش عندك صرصار كده جدع وابن حلال وبشنبات طويلة».. فقالت: «أدعبسْلَك في التلاجة يا معلمى».. فقلت: «إذا فلتقفش لنا واحدا إبن حلال ومجدعة وبيخدم».. «أوامرك ياشنكلة» هكذا قالت سلمى الشهيرة بتوكتوك.. وبعد أن إنتهينا من التجهيزات قلت لتوكتوك «يالا هاتي العصير ورايا وتعالي».. فقالت: «لأ ما يصحش يا شنكلة لازم إنت اللي تدخل عليهم بالعصير.. سِلْو أهل الكار بيقول كده».. فقلت: «عندك حق ياد ياتوكتوك إحنا ولاد بلد وبنفهموا في الأصول بردك».. وحملت العصير ودخلت عليهم وقلت: «مساء الخير.. إزيك يا مدام سلوى؟».. فردت قائلة: «الله يسلمك ياعريس بنتي.. و لو إني زعلانة منك».. فنظرت إلى رانيا وقلت بصوت يحمل كما هائلاً من الغلاسة: «زعلانة منى أنا يا طنط..؟ خير إن شاء الله.. إوعي يكون عشان لسه ما سلمتش على رانيا.. سوري إزيك يا رانيا أخبارك إيه؟».. فقالت رانيا بكل برود: «مِي.. فاين الحمدلله».. فقلت: «أهو شوفتي ياطنط.. مش محتاجة زعل ولا حاجة.. هي على طول كده فاين.. يعنى فيه تحسن ومش هانفقد الأمل إن شاء الله».. فقالت طنط سلوى وهى (تلوى بؤها.. الظاهر زعلانة من حاجة الله أعلم): «هي عروستنا مش عاجباك ولا إيه يابشمهندس؟!».. فقلت: «أنا.!!. مش عجباني.؟؟. حد يقدر يقول كده.. ده رانيا زينة البنات.. هو حد يطول».. قالت: «وماتطولش ليه يابشمهندس؟.. هو يعنى إنت طولت لحد سارة اللي ساكنة في حي تاني خالص.. وما طولتش الدور اللي فوقيكم».. فشعرت بغيوم من الرخامة تحلق في جو الحجرة فنظرتُ إلى سلمى وأومأت برأسي لها حيث الإشارة المتفق عليها فقالت: «إلحق يا حسن في حاجة بتتحرك في جيبك».. فقمت من مكاني منزعجا وأخرجت الصرصار من جيبي وقلتُ: «إيه ده.!!. إيه القرف ده!!».. ثم ألقيته على رانيا والتي صرخت بأعلى صوتها وقفزت من مكانها وإستنجدت بيد أمها قائلة: «ياماما ياماما.. إلحقينى ياماماااا.. إبعديه عني».. وتولت توكتوك الشهيرة بسلمى عملية إبعاد الصرصار الجدع الله يستره عنها والذي هرب بدوره إلى المكان المتعارف عليه بعد إتمام مثل هذه المهمات وهو البلكونة.. ثم أخذت رانيا تشاهد برعب شديد عملية هروب البيه الصرصار، وبعد أن تأكدت من هروبه نظرت إلى بعين الإنتقام فوجدتني أبتسم مما جرى لها فقالت بغضبٍ شديد: «إنت أصلا قليل الذوق.. وأنا عارفة إنك قاصد ترمي الصرصار عليا عشان إنت عارف إني بخاف من الصراصير».. فنظرتُ بغضب إلى طنط سلوى وقلت لها: «أهو هو ده مربط الفرس ياطنط.. ترضى إن بنتك تقل أدبها على جوزها وتشتمه؟!».. فقالت: «لأ بنتي ما تعملش كده أبدًا».. هنا تدخلت أمي متعجبة: «إزاى يا سلوى.. أمال هي عملت إيه دلوقتى؟!».. قالت طنط سلوى: «لأ ده هي بتتدلع على خطيبها».. وعند سماع كلمة خطيبها قفزت من مكاني قائلاً «وأنا بأه ما بحبش خطيبتي تتدلع عليا الدلع ده، ولو عملت كده هاكسرلها دماغها».. «يعنى إيه هاكسرلها دماغها.. إيه طريقة التلاتينيات بتاعتك ده» هكذا إعترضت رانيا.. فقولت لها: «يعني لو ما خدتيش أمك ومشيتي من هنا يا ست المودرن هدي أوامر للفرقة التانية صراصير شنبات تجري وراكي وما تخليش فيكي ولا حتة إنتي والمناديل الفاين بتاعتك اللي إنتي ماسكالي فيها دي».. هنا نظرت سلوى لأمي وقالت: «بتطردونا من بيتكم يا فاطمة.. مردودلكم ياختى إن شاء الله».. وجذبت يد إبنتها المحروسة رانيا قائلة: «يالله يا بنتي نمشي ولا تزعلي نفسك بكرة أجيبلك سيد سيده».. وخرجوا من البيت وقالت لهم أمى: «خطوة عزيزة يا سلوى».. مع إنني متأكد تماما أنها تقصد «خطوة منيلة بنيلة» لكن للأسف إنها طيبة أمى المعتادة.. وما إن إنغلق باب الشقة قالت لي تكتوك: «عفارم عليك يا شنكلة».. فقلت: «شوفت يا توكتوك قيمة الصراصير في بيتنا.. عشان لما أقولك تأكليهم وتراعيهم وتعتبريهم جزء من عائلتنا الموقرة تبقي تسمعي كلامي».. هنا أنطلقت أمي في الضحك وقالت: «الله يفضحكم يا بعدا.. دا انتو مصيبة».. فقولت أنا وتوكتوك في صوت واحد: «إحنا برده تربيتك يا معلمي»..
تمت


الكاتب:  محمد حجاز المدوّنة: مدونة محمد حجاز 



 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة