دة مش نصيبي

عجبًا لتلك الدنيا.. عجبًا لمشيئة الأقدار.. لقد تملَّكني الانبهار عندما جاءتني بوادر هذا الخبر.. ومكثت أتأمل في الماضي الذي كنت أتمنى أن يكون متغيرًا تمامًا.. فمن الغريب أن أظل سنينَ بأيامها ولياليها، بأفراحها وأحزانها، بدموعها الحلوة والمالحة، بدقة قلب فرحان ورجفة قلب خائف.. حتى أسمع تلك الكلمة اللعينة التي دائمًا ما تمنيت سماعها من حبيبي.. ومن صديقي، ومن أمي ومن أبي، ومن إخوتي، وكل الناس التي تعرفني، ومن المؤكد أن يكون أهمهم حبيبي...

نعم قال لي: أحبكِ، وكنت دائمًا أحلم بتلك اللحظة.. أركز في التفاصيل، ماذا سأفعل عندما أسمعها؟ أأرقص من الفرحة؟.. أم ستدمع عيناي من طول الانتظار؟.. أم سأقول له: "وأنا كمان"؟.. أم سيعقد لساني ولا أستطيع النطق أصلاً؟.. ولكن قدري كما عهدته دائمًا لا يدَعني أفرح الفرحة كاملة، ويضع لي العقبات..

فالقصة من البداية هي أنني كنت أعشقه، لكنني لا أعرف له عشقًا.. وكنت أستنشق حبَّه كل صباح، لكنني لم أعرف له موقفًا.. وكنت أتودد لقربه كل لحظة، لكننى تيقّنت أنه كان أكثر قربًا لي وتودّدًا.. لذلك كنت في قمة حيرتي، هل هو يعشقني كما هو حالي؟.. أم أنه مجرد استلطاف؟.. حاولت مرارًا وتَكرارًا أن أعرف موقفه مني.. وكلما كنت أحاول أن أسأله، «أتلخبط» في سحر عيونه، ولا أستطيع أن «أتلم على روحي» من طيف هواه.. لذلك كنت أعتبره يحبني، وكنت أحلم بصوته وهو يدندن في أذني بحروف تلك الكلمة..

لكنني سئمت من طول الانتظار، لذلك قررت سؤاله مباشرة: ماذا أعني لك؟؟.. صمت فترة، وأخذ يراوغ ويراوغ قرابة الساعة، ثم عندما أصررت على سؤالي قال لي: «هو إحنا اخوات وأصدقاء جدعين أوي».. حاولت أن أكون أكثر تماسكًا، وبعثت برسالة إلى عقلي أن يتشبث وأن يكون أكثر اتّزانًا.. وكذلك عيني بأن تحبسَ دموعها ولا تظهرها.. أما لساني فكان عليه أن ينطق «فعلاً إحنا أصدقاء جدعين أوي.. متشكرة جدًا على الصداقة دي».. فنظر لي بعيونه التي توحي بحزن عميق، والمليئة بوهج من بعض الضي، وقال: «إنتي شكلك زعلتي.. طب بصي، فيه أغنيتين بتوع عبدالحليم اسمهم يا خلي القلب، ويا قلبى خبي.. اسمعيهم كويس جدًا وركزي في كلامهم.. لأن دة الكلام اللى أنا عايز أقولهولك وبيوصفوا حالي جدًا ومش هلاقي أحسن منه»..

فقلت له: «أنا حافظاها، مش اللي بتقول يا خلي القلب.. يا خلي القلب.. إيه إيه .. يا خلي القلب.. كان اسمها إيه؟.. والله كنت حافظاها زي اسمي».. لا أدري لماذا لم أتذكرها؟.. هل لأنني أشعر بقلبي ينقبض من الخوف؟.. أم أنني في قمة حيرتي؟ (هو ليه كان بيقول لي كدة وهو حزين؟).. لا أعرف.. لا أعرف.. لقد فاض الكيل بي.. (يا رب ارحمني بقى)...

وفي طريق العودة، أخذت أتذكر كلمات الأغنية، فتذكرت «يا خلي القلب.. لو في قلبك قد قلبي حب.. يا خلي القلب.. لو في قلبك قد قلبي حب.. إيه إيه؟.. يوووه».. فانتظرت العودة إلى البيت.. وذهبت مسرعة إلى الكمبيوتر لأستمع إلى تلك الأغنيتين وقمت بتشغيلهما.. ووجدت الكلمات تقول «يا خلي القلب.. يا حبيبي.. لو في قلبك قد قلبي حب.. يا حبيبي.. لو بتكوي النار نهارك.. لو بتسهر زيي ليلي.. لو صحيح بتحب....».. ها!! ها!! حبيبي!!.. لو صحيح بتحب!!.. «أنا مش مصدقة نفسي الكلام دة ليا أنا؟».. وطرت من الفرحة رغم أنني لم أسمعها منه شخصيًا، لكن هو عبر عنها لي.. يا لفرحتي، أشعر الأن وكأنني فراشة «بتتنطط» فوق الياسمين.. أنا في قمة السعادة..

وقررت أن أتذكره وهو يقولها لى.. قررت أن أعطي لنفسي شعورًا وكأنه هو من يغني لي.. وركزت في كلماته.. وقلبى يرقص فرحًا.. سمعته وهو يقول لي «يا حبيي.. ابعد الخوف عن رموشك.. اوعى شىء في الكون يحوشك.. غني.. اجري.. اضحك.. ياه ياه يا حبيبي».. «أنا فعلاً كدة دلوقتى عايزة أغني وأرقص وأجري وأجري وأجري.. أنا سعيده».. هكذا كان حالي..

وهنا بدأت الأغنية الثانية والتي قالت: «يا قلبى خبي لا يبان عليا.. (انقبض قلبي وهرب الفرح).. ويشوف حبيبي دموع عينيا.. (تملّكني القلق).. دة مش نصيبي لكن حبيبي وأكتر وأكتر شوية».. هنا بدون أن أدري رأيت دمعتي تجري على خدي، وهرب الفرح، ولم أصدق ما أسمعه.. اتصلت به.. لأفهم ماذا يعني بهذه الكلمات.. لم يرد مرة واثنتين وثلاث.. فأرسلت له رسالة مكتوب بها: «يعني إيه؟».. فرد علَيَّ: «خطوبتي الجمعة الجاية على بنت خالتي».. توقفت دمعتي، توقف تفكيري، وتوقف الزمن، لكن استمر عبدالحليم يغني «دا مش نصيبي لكن حبيبي وأكتر وأكتر شوية»..
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة