عن الظلام أتحدث

- أذكر أني كنت صغيرة والأشياء سوداء كبيرة..
الأشياء تلك كانت تتمثل في بقع الظلام عند آخر الليل، حين تنطفئ كل الأنوار، وأبقى أنا وحدي مستيقظة أنظر للفراغ السوداوي.
لم أكن أفهم عن ماذا تعبر، لكن فقط أفهم أن ذلك الشيء مرعبٌ جدًا، وأن هذا الرعب يمتعني بشكل مبالغ فيه..
____________________

- أذكر أنه في مرحلة عمرية أكثر تقدمًا: صار الظلام جزءًا لا يتجزأ من الإبداع؛ فإني أكتب عن الظلام، أرسم الظلام، أتحدث في كينونة الظلام.. وألخص الظلام.. في "يرموك"*
____________________

- الظلام لم يعد مجرد رعب من النوع اللذيذ ولا مادة للحديث والكتابة.. الظلام صار يعبر عن الأمان..
أن تطفئ الأنوار وتسكن الظلام فهذا يعني أنك صرت تتمتع بقدر من الإيمان والأمان، وأصبحتَ تثق في العالم؛ فلا شيء على وجه الأرض يؤذيك.. الأشياء كلها أصبحت آمنة..
الأسود يحمل بين ثناياه الكثير من الألوان والمرادفات..

اكتشفت مؤخرًا أنني دائمًا ما أغمض عيني وأستمتع بالظلمة حين أصلي..
وأني لا أستطيع خلال الصلاة أن أفتح عيني مطلقًا؛ فالظلام هنا صار عالمًا آخر، يشكل حلقة من حلقات الصلة بيني وبين الله في الصلاة..

أعلم الآن أن الأسود الخالص كالأبيض الخالص كلاهما يتمتعان بالصفاء.

____________________
* يرموك هو شخصية خيالية من صنعي يسكن الظلام.

 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة