مكرونة التموين

أحدثكم اليوم في هذا الجمع المبارك عن موضوع هام وحيوي ويمس حاضر ومستقبل كل بيت مصري وكل مواطن مصري يمشي على أرض النيل السمراء في وطننا الحضن الأكبر ذي الـ80 مليون روح تتنفس وتشكو إلى الله كل فجر مما يفعله الناس بها كل فجر ويتم شكوتها إلى الله -برضه كل فجر- من الناس مما فعلته..
أحدثكم عن "مكرونة التموين" ذلك الكائن اللزج، المعجن، ذلك الكائن الفضائي الممسوخ... متضحكش عليا أنا بتكلم جد ممكن تكون عزيزى القارئ من علية القوم اللي بيشتروا أنواع المكرونة الإيطالية الفاخرة اللي كيسها بـ20 جنيه, أو أقل قليلًا و بتشتري "روجينا" أم 5 جنيه، أو أقل قليلًا و نظام مكرونة "الملكة" أو 2 ونص، أو أقل قليلًا من أصحاب المكرونة السايبة، أو أن تكون -للأسف- من الواقعين تحت عجلة ومأساة "مكرونة التموين" ولكنك لن تفهم كلامي إلا عندما تتذوقها وتملأ حواسك بطلعتها البهية...
بعد حدوث أزمة في الأرز في تموين حكومتنا الموقرة قررت الحكومة استبدال وزن الأرز الشهري في التموين للأسر بأكياس مكرونة!!! وأنا للأسف لم أجد الرابط العجيب بعد بين السلعتين فالسعر مختلف والاستخدام مختلف وكل حاجة، فحكوماتنا الرشيدة رأت أن لا فرق يذكر بين الأرز والمكرونة "أهو الاتنين ممكن تعمل بيهم ملوخية" وإن كانت مع المكرونة هتبقى فكرة مقززة جدًا لكن هذا هو الوضع ولتخبط رأسك في أتخن حيط ولسان حال حكوماتنا "يعنى عزيزي المواطن أنت شحات وبتتأمر..!" مع إن من جواك بيقول "مش معنى يعني إبراهيم حسن بيتأمر وعايز حكام من أوروبا من غير ما الزمالك يدفع حاجة.. وأنا يعنى مليش نفس!!" و هنا -أعني الحكومات الحالية والسابقة والسابقة للسابقة- وزارة نظيف وشفيق وشرف.. كلهم في قفص الاتهام سواء بسواء لا يفرق بينهم ثورة ولا وزير تموين!!.. فما فائدة استلامك للتموين ببطاقه ذكية إذا كانت السلع اللي ستتسلمها غبية؟؟ فإذا أقررت بالواقع وتقبلت الوضع واستلمت تلك المكرونة الملعونة وقررت إنك تطبخها وهنا بالتحديد ستتضح لك المأساة:
أولًا: فهي تقريبًا نفس الأحجام مع اختلاف طفيف، فلا هي كبيرة ولا هي صغيرة؛ فهي مكرونة قلم وليست قلم، فهي ليست مفهومة تمامًا كامرأة!
ثانيًا: إذا قررت أن تحمرها لتصنع منها طبق على الغدا بجانب الفرخة المجمدة أم 18 جنيه الكيلو الواحد قميئة الطعم، فإذا بك قد وقعت في الفخ.. فالمكرونة بتشر نشا فستتفاجأ بأنها قد حولت شوية المكرونة المحمرة لعصير نشا ثقيل الظل، غير ممتع الطعم، فإذا بك ترميه "بحلته" -زي ماما ما بتقول- مع إلقاء بعض الشتائم على عدم قدرتك على الطبيخ لتبدء المرحله الثانية...
ثالثًا: بعد مرورك بالمرحلة السابقة ستدرك ضرورة تصفية كل هذ الكم من النشا فتقرر أن تسلقها لتضعها بجانب نص كيلو اللحمة من أم شادر شبه المجمدة أم الكيلو بـ28 جنيه، وبجانبها بعض من صلصة خاصة، انت اشتريت نص كيلو بس لإن كيلو الطماطم بـ5 جنيه، وبعد سلقها وتصفيتها ستحصل على كائن نصف حي فهي كتلة واحدة مهما رويتها بالزيت -خاصة نوع زيت العربيات بتاع التموين برضه- لتصل إلى مرحلة العشق الممنوع بين حبات المكرونة فتجدها ملتصقة متحابة لا تنفصل وإن جبت عوازل الدنيا كلها، فتجد نفسك تنظر لها نظره شفقة.. تمامًا كنظرة مهند على قبر سمر -اللي على البحر- في مسلسل العشق الممنوع، وتأكلها بلا نفس حتى تحلل ما دفعته...
رابعًا: في الحالتين السابقتين تجد أن المكرونة بها حادث غريب، عجيبة كأنها معجزة!!..فجميع حبات المكرونة مقسومة بالطول إلى نصفين أو أكتر في حالة مروعة وكأنك ألقيت عليها قنبلة هيروشيما!!!...
خامسًا: نصيحة قبل أن تقدم على تلك الخطوة البائسة فبعد فشلك في سلقها أو تحميرها ستلجأ بيأس إلى حل المكرونة البشاميل فلا تقدم عليها صديقى المواطن حتى لا تضيع ثمن غاز الفرن وثمن النص كيلو لحمة مفرومة و الـ5 بيضات غير اللبن... لأنها ستصير كالمكرونة البشاميل اللي كان يصنعها محمد صبحي في"يوميات ونيس" لتقطع بالأزميل والشاكوش... أنفقت مصر 28 مليار جنيه على دعم الأغذية في العام أي عشرة أضعاف دعمها للبحث العلمى ... فإذا كانت النتيجة بهذا المستوى فلنرمِ الفلوس في البحر أحسن، أهو منها نحسن صحة الثروة السمكية ومنها نريح معدة الناس من العك ونريح مزاجهم من أكل ما لا يسرهم...

ملحوظة: عند ذهابى لمحل كشري من يومين لمحت تلك المكرونة في طبقي وبما أني أعرفها من بين ألف نوع، فسألت صاحب المحل إن كانت دي مكرونة التموين فأجابني بـ "نعم" و لكنه أضاف أنه سيوقف التعامل بها لشكوى الزبائن المتكررة منها.. لم أهتم لعدم قانونية هذا العمل أكتر من بحثي في ذهني عن محل آخر لأتعود عليه نظرًا لأنى مقاطعة لمكرونة التموين أكثر من مقاطعة الإخوان لـ"مكاندولدز" أو مقاطعة شباب التحرير لـ"كنتاكي"!!!....
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة