رأيت السجود

"دايمًا بندوّر علي السلام النفسي في الأماكن الغلط!"

تذكرت يوم الكنيسة .. كيف كانت جميلة و و و .. وبالرغم من كل شيء فحالة الوجود بكنيسة لا تجدي معي في الرقي بروحي حيث أقترب من الله اكثر! اقترابًا بما تعنيه "اسجد و اقترب".

في البداية .. جلست هناك .. حيث إذا التفتت ورائي يمكن أن أرى الساحة بالأسفل.. ساحة المسجد حيث يصلي الرجال وحيث المنبر.. تذكرت كيف ضايقتني الحواجز الخشبية بمسجد عمرو بن العاص التي تمنع النساء من رؤية ساحة وسط المسجد بروعتها.. هنا بمسجد رابعة.. الساحة مرتفعة عن ساحة الرجال.. شبابيكها تشبه المشربيات.. حيث نري الساحة ولا يستطيعون رؤيتنا! كانت حجابًا لا يحجب وجه المسجد.

جلست وددت لو أتكلم مع الله  رغم الصوت من حولي.. نعم ففي هذا المكان حيث يزدحم المكان في غير أوقات الصلاة بحلقات حفظ القرآن لجميع الأعمار.. وبين الهمهمات والترديد .. وددت بالفعل أن أتكلم مع الله.. فتحت أوراقي.. إن كنت بالفعل لا أجيد البوح.. لأنني حين أنطق.. "يا رب إنت اللي عالم".. ثم أصمت.. ماذا سأخبره؟ هو يعلم.. ماذا أسأله؟ هو يقدر كل شيء! .. ماذا أقول؟ .. فأردت أن أتكلم فعلا .. بطريقتي .. على الأوراق! شعرت وكأن كل كلمة أنمقها وأختارها بعناية في كلامي مع الله.. أن هكذا.. هكذا أشعر بالوصل.. إن كانت الكتابة هي أقرب الحالات لروحي فلم لا أكتب إلى الله؟

تعرفت علي فتاتين جلستا بالمسجد للمذاكرة.. فابتسم .. هي صورة المسجد في ذهني مكان يتسع لكل شيء.. ليكون كل شيء في بيت الله.. و ليظل بيت الله عامرًا بعباده.. 

أقيم للصلاة.. قبل أن أصلي جلست أنظر إلى المنظر البديع.. كيف ينظم الناس أنفسهم في صفوف تلقائية رائعة.. يا الله! لو نظرنا إلى كل شيء وكأننا لسنا جزءًا منه لأعدنا اكتشافه!.. 
الصلاة.. منظومة متكاملة من التسبيح علي مدار اليوم في كل مكان على سطح الكوكب.. نظام بديع وسكينة لم أشعر بها.. روحي لم تضطرب.. كانت في حالة سكينة لم أعرف مثلها من قبل.. منظر المهرولات إلي الصلاة.. جعلني أفهم معنى الشوق إلى الله.. الجميع في لحظة واحدة يسجدون.. إنه الإخلاص في أسمى صوره.. 

يا رب ها هو وجهي شارة عزتي وكرامتي أخضعه بين يديك..
وأكسر أنفي وكبرها لأكون بين يديك..
"اللهم وجّه وجوهنا التي نذلها لجلالك، جهة وجهك الجليل وارزقنا الإخلاص"
يا الله.. ما كل هذا الضلال.. والهدى كله بين يديك على صراطك.. 
كأن الجميع اجتمعوا هنا.. ليسجدوا سويًا ليثبتوا مع كل سجدة أن الذل لله عز.. فكيف لا يسجد الوجه إلا لخالقه .
كتبت لله أشياء كثيرة.. الله يعلمها.. ومازلت أوقن أن الله يهديني ويعطيني ويحبني.

----
لا أعرف لماذا في هذه اللحظات دومًا أتذكر صفة الإخلاص.. وسورة الإخلاص، فيتدرج الإخلاص من الوحدانية "قل هو الله احد".. إلي التفرد بالذات العليا "الله الصمد".. عدم الإشراك به "لم يلد ويولد".. حتى الكلمة التي تأخذني دومًا "و لم يكن له كفوًا أحد".. دون أن ندري تصبح افعال أو شخوص "كفوًا" لله ونحن في ضلال.. عدم مساواة لأي شيء مما ينتسب إلي ما خلقه الله بالله!
----
"عشان نلاقي اللي يصلي علينا لما نموت"
أسبابها كانت بسيطة لتؤجل رحيلها من المسجد لبضع دقائق تصلي فيها صلاة الجنازة
----
لو أكتب وصيتي الآن لكتبت أن تكون صلاة جنازتي بهذا المسجد
 

الكاتب:  ياسمين مدكور المدوّنة: قدريات 
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة