كان يجلس كعادته في الركن المطلّ على النيل، يرتشف قدَح قهوته الرابع، ويدخن السيجارة الواحدة بعد الألف. كانت تراقبه كعادتها كل يوم.
لم تعلم بأن هذا الزائر المستَجدّ على المكان سوف يصبح زائرًا مستمرًا في أحلامها.لم تعلم هذا... ليست كل البدايات تفصح عن النهايات. فهي كانت تمقته في صمت. تستغرب كلامه مع أصدقائه وتندهش لصمته وشروده كان بالنسبة لها كائنًا مُنعدمَ الهُوية في حياتها. إلا أنها قد ضبطت نفسها متلبسةً بمراقبته.
بدا كالطيف يتسلل إلى حياتها الأخرى.. أحلامها. بدأ في الظهور كعابر في الحلم ثم ما لبث في اشتراكه في أحداث الحلم رويدًا رويدًا, استطاع أن يبقى هو بطل الحلم. وهذا ما أغاظها من نفسها. كيف لهذا العابر أن يكون كالطيف كلما تغمض عينها؟
نامت كعادتها، حلمت به، افتعلت معه شجارًا لكى لا يزورها ثانية، إلا أنه استمر في الظهور. كانت تراقبه في صمت وهو يجلس بعيدًا شاردًا.
أخذت حقيبتها بقوة وذهبت إليه..لم تستغرب من تعبيرات وجهه الاندهاشية من ردّة فعلها، فهى قد اعتادت عليها منه.
قالت له في عصبية: أرجوك كفاك أن تاتيَني في أحلامي... كف عن هذا السخف.
رد بهدوء: كنت أتصور بأن آخر شجار لنا كان لحظة انفعال منك، ولكن بما أن هذه رغبتك.. حسنًا، سوف أنفّذها لكِ.
تمت