بين شيء وآخر


شيء بديهي .. لو أن القلوب تعرف حسبة الأيام وتواريخ الميلاد وأزمنة البشر.. لتغير الحال تماما ولما تعلق قلب رجل بأنثى تكبره ولو بيوم واحد.. لكنها المشاعر الكامنة في أوعية القلوب لا تعقل في نبضها إلا التدفق أو الإحجام.. إما تدفق مشاعر الهوى أو الإحجام عن ذلك لأي سبب متعلق بهيكل القلب لا برغبة غيره.. قلوبنا يا سيدتي مملوكة لخالقها يحركها كيفما شاء!!
شيء منطقي.. علمتني الحياة إياه.. أن أبقى على حق نفسي قبل أن أبحث عن حقوق الناس عندي.. لأن البشر كلهم مهما كانوا لا يدع أحدهم لي حقا دون أن يقطع من روحي معه أكيالا كما لو كنت قاتل أبيه.. اليوم تعلمت القسوة على الدنيا من أجل أن تحن هي علي.. كفانا عتابا أيها الزمن فما عدت أفهم لغة العتاب كي تكتب ولا كيف تقرأ لذا فلن أقتنع مجددا بشيء مهما يكون!!
شيء لا بد أن تعرفيه سيدتي.. إثبات الذات الرجولية لا يرتبط مطلقا بتأريخ الوجود على ساحة الدنيا بقدر ما يرتبط بربيع العمر ورشد العقل وضوابط القلب، متى ما نضجت نفوسنا عرفت الحب بطبيعتها، ومتى ما عرفت الحب اختارت وليفها دون أي تدخل من هيكل صاحبها.. كلها أقدار مشيئية معلقة بحبال الوصل الإلهي.
شيء أؤمن به.. حين تكثر في عطاء الحب لأنثى تعتقد أنها ملكت زمام أمرك فلا تستطيع الحياة أن تسير بك دون أن تكون هي على منصتها، مساكين هم النساء لا يعلمون أن يوسف عليه السلام نجا من كيد امرأة العزيز.. وأنا في الحب يا سيدتي من أتباع يوسف، تعف نفسي عما يعافه القدر لي!!
شيء أتعجب له.. لماذا تمتنع الأنثى عن التصريح أو حتى التلويح بحجة الخجل الغريزي في خلقتها النفسية؟! أعتقد أنها باتت أكذوبة أن تتكئ أنثى على شماعة الخجل وهي تدرك يقينا أن قلب الرجل معلق بها حد الجنون..
شيء غير منطقي.. لماذا تتعجب الأنثى من استمرار تعلق قلوب بعض الرجـال بحبه لإحداهن مهما مر الزمان حتى مع تكرار قول لا؟، أنا كرجل أؤمن جيدا أن حبال الوصل المعقودة في القلب لا يقطعها قول "لا" إلا في حالة واحدة.. إذا تمكنت أنثى أخرى من قطعها نهائيا ووصل أطرافها المتصلة بقلب الرجل بحبال الحب في قلبها هي!!
شيءما.. أكره ذاتي حين أنظر لأنثى فتشعر بالخجل ويوترها الحياء من نظرتي تلك، العين التي تكسو وجه فتاة بحمرة الارتباك تُفقد الرجل قيمته في نفسه.. الأنثى في عرفي وعاء زجاجي شفاف سُتر عنا بعضه وكشف بعض آخر، وما هو مكشوف ليس حقا لكل العيون أن تفضح أسراره بشرار الرؤيا.. اتقوا الله في نظراتكم فما تحسه الأنثى من عيون سارقي النظرات ليس سهلا على الإطلاق..
شيء آخر.. في الحب هناك فرق بين أن تكون فاعلا وأن تكون مفعولا به، حين ينبع الحب من قلبك تعرف حقيقة مشاعره وتعيش في صميمها، تقرأ دقيقها وتحس حلوها ومرها، عَذْبَهَا وعَذَابَها، فتتمرس حتى تصير عاشقا قويا بحبه مهما كانت نتيجة فعلك الذي هو الحب..
أما حين تكون مفعولا به فأنت مجرد كيان وقع عليه فعل فاعل آخر، أمر يتطلب منك أن تسكن إحدى خانتين، إما التحول لفاعل فجأة بناء على قوة إرسال إشارات الحب من قلب من وقع عليك فعله، فيحيلك عاشقا له متيما به، وفي هذه الحال تكون قد أنقذت روحا من الهلاك.. أو أن تخرج من الجملة كلها فلا يكون لك فيها مكان، وتصبح بهذا الصنيع مفعولا هاربا، فَقَدَتْ جملة الحب بهروبه كيانها وتحول معناها إلى وتيرة كئيبة ترافق ذلك الفاعل المسكين، مغايرة تماما لما تمناه، ويصير المرفوع مجرورا خلف مفعول مفقود، وتضيع ملامح الجملة بعد أن صار الفاعل مضافا إلى مفعول ترك مكانه أصلا..
قبل أن تختار مكانك في جملة الحب.. امتحن ذاتك حتى يكون الأمر جديرا بالطاقة المهدرة في كتابة أحرف هذه العبارة.


الكاتب:  إبراهيم العدوي المدوّنة: كأني أتكلم 
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة