عندما تصبح الثورة كالعربة الكارو التي يسحبها المجلس العسكريّ من الأمام ويربط بها القوى السياسة من الخلف و(يتنطط) عليها الشعب من الأعلى، كن واثقًا أن المجلس قد تحول إلى حمار كبير، والقوى السياسية أصبحت كالبهائم التي تجرها العربة، أما الشعب فلا شك أنه هو العربجي الذي لا يعرف الطريق، لذا ترك زمام الأمور للحمار حتى يتولى القيادة، ونمر جميعًا بها من فوق الكوبرى بسلام، ولكن لحظة من فضلك، ماذا لو كان الحمار أكثر ولاءً لصديقة الجحش المخلوع؟ أو يريد أن ينفرد بتولي القيادة إلى الأبد؟!!
أعتقد أنه في ظل انقسامات الركاب ورغبتهم العارمة في النوم بدلاً من إكمال المشوار حيث يرى كلٌّ منهم أنه قام بدوره على أكمل وجه ولا ضرر من التهليل قليلاً لنفسه، وفي ظل صراعات البهائم على من يقف مكان الآخر، ومن يستطيع أن يُقصي الآخر من المكان حتى ينفرد هو بالوصول وحده إلى مكان الحمار، فيستطع أن يحكم كامل العربة بمفرده دون أن يزعجه أحد بمهاترات لا داعي لها، أصبحت مهمة الحمار أسهل بكثير، فكل ما يريده هو الانقسام بين الركاب والبهائم حتى يأخذ العربة إلى مكان مجهول، ويستطيع بكل خبث بَيِّن أن يسيطر على العربة بما يربط بها وما يحمل عليها، أو على الأقل يستطع أن يزيل آثار الدماء المتناثرة عليها من ويل ما فعله صديقه الجحش، ولعل هذا ما اتفق عليه مع صديقه، وأعتقد أنه يستطيع أن يُنَفذ مخططه عن طريق إلقاء الركاب الذين ثاروا على صديقه واحدًا تلو الآخر تحت مسميات مختلفه، فأخذ يثير النزاعات بين الركاب، وكلما يعلو صوت أحدهم أطلق عليه اسم "بلطجي"، ويقوم بإلقائه من العربة، وكلما سأل أحدهم عن الطريق أخبر الركاب بأنه يريد إثارة الفتن بينهم وبينه، فسلموه هم بأنفسم إليه حتى يقوم بإلقائه من فوق العربة، أما من تسَوِّل له نفسه بأن يسأل عن الوقت الذي سيحاكم فيه الجحش، أصبح مُزعزِعًا للاستقرار، مما قد يؤدي إلى اختلال توازن عجلة العربة، ووَجَب عليه أن يُلقى منها، هكذا يتخلص من الواحد تلو الآخر حتى يتخلص من كل من ثار على صديقه، أو خدعه عقله يومًا وفكر أن يتكلم ويرفض سياسة الحمار وصديقه الجحش، هذا كله في ظل انقسامات البهائم التي مهدت له الطريقة المُثلَى للتخلص منهم، وذلك عن طريق إخبار كل منهم على انفراد بأنه هو وحده المؤهل لكي يتولى زمام الأمور بعده، وبأن باقي البهائم تكيد له وتريد التخلص منه، فبهذا المبدأ يسير الحمار، مبدأ فرِّق تَسُد، حتى لا يتعب نفسه بعناء التخلص من البهائم فهم سوف يقضون على بعضهم البعض، ومن ثَم يقضون على كل من يعلو صوته فيهم.... أعزائي القرّاء، لم يعد يبقى الكثير حتى يكمل الحمار باقي سيطرته على العربة، استمروا هكذا كما أنتم ولا تلوموا إلا أنفسكم، اكتملت الصورة وآن للصنم أن يسقط، إما أن نتكلم الآن أو لنصمت إلى الأبد، فلتختَر يا شعبي ما تريد، ولكن كن حذرًا، فللتاريخ أقلام تلعن من يتخاذل، أما أنت أيها الحمار فإني أشهد بأنك أكثر ذكاءً من صديقك الجحش، فكل ما صنعه هو جعل الركاب والبهائم يتفقون حول كرهه، أما أنت فكل ما تفعله هو جعلهم جميعًا ينقسمون حولك، ليقضوا على بعضهم البعض.
هذا هو ما يحدث في غبائستان يا صديقي ، وهذا ما سيحدث لو انقسمنا حول أنفسنا الآن وانشغلنا بصراعاتنا، كل ما نحتاج في هذه المرحلة هو أن نتفق على رجل يتولى القيادة، ونعيد ترتيب أوراقنا حتى نمر بالعربة إلى مكان آمن، فهذا الاتجاه الذى نسير فيه سيؤدي إلى انقلاب العربة بكل من بداخلها، ولن يبقى أحدًا ليجلس على مقعد السائق، يجب أن نتفق ونكف عن الصراخ في أوجه بعضنا البعض.