«بقول لك إيه يا بركتنا، مالاقيش معاك عشريناية كده توديني مشوار؟».. هكذا قال علي لعمّ راضي، الرجل الطيب الذى يقف في دكانة البقالة التي يمتلكها ويسترزق منها ليرعى ثلاثة أبناء، أكبرهم علي، وأوسطهم عائشة أو عيشة كما يحب أن يناديها، وأصغرهم حبيبة... نظر عمّ راضي إلى علي بوجه ضاحك يتخلله بعض من مظاهر حمل الهَمّ قائلاً: «إمتى بقى يا علي ترحمنا من المصاريف دي.. إمتى؟؟».. تقدّم عليّ نحوه مباشرة وانحنى ليٌقبّل رأسه قائلاً: «خلاص يا حجوج هانت كلها ترم إن شاء الله وأشيل عنك الحمل ده».. فردّ عليه قائلاً: «ربنا ينجحك ويوفقك يا ابني وأشوفك محامي قد الدنيا وتجيب حق الغلابة.. ويحبب فيك خلقة يا ابني»... فردّ عليه علي قائلاً: «والله العظيم يا حاج إنت اللي مصبرنا عالدنيا دي ربنا يخليك لينا يا بركة.. هات العشريناية بقى».. فارتسمت ابتسامة رضًا على وجه عمّ راضي، وأعطى له العشرين جنيهًا.. التي اختطفها علي بدوره، وانصرف بعيدًا.. ومع انصراف علي أخذ يردد: «ربنا يحميك يا ابني»...
«ربنا يحميك يا ابني» هكذا تمتم بها ثانية وهو يتذكر ما حدث مصحوبًا بدمعة مختَفِية وراء عيون شامخة أبت أن تظهر الانكسار أبدًا.. ورفع نظره إلى أعلى وأخذ ينظر إلى الجالسين حوله في عربة المترو وتمتم مكررًا: «ربنا يحميك يا ابني».. ثم نظر إلى الظرف الأصفر الذى يحمله في يده وردد مرة أخرى بكل أسًى: «ربنا يحميك يا علي يا ابني».. ووضع يده على عينيه ليمسح الدمعة التى أوشكت أن تجري على خده وردد: «اللهم لا اعتراض.. اللهم لا اعتراض.. اللهم يا حنّان لا اعتراض على قضائك»...
ثم نهض من مكانه لاقتراب محطة النزول.. وعند وصوله بالقرب من الباب سأل الرجل الذى يقف أمامه: «نازل مبارك يا أستاذ؟؟».. هنا نهرَه بحدة هَذانِ الشابانِ اللذانِ يقفان في الجوار: «اسمها الشهداء يا حاج.. الشهدااااء ماعادتش مبارك خلاص.. مبارك المخلوع انتهى وانتهت أيامه».. نظر إليهم عمّ راضي بنظرة عينيه التي يتلألأ منهما الضي قائلاً: «الشهداء!!.. مبارك!!.. مش هاتفرق يا ابني».. اعترض أحد الشابين: «لأ إزاى يا حاج.. فيه فرق كبير.. مبارك ده ابن وس_تييييت حرامى.. وبينا وبينه دم الشهداء».. تهَكّم عمّ راضي «ما خلاص يا ابني اللي راح راح.. يعني الشهداء هياخدوا إيه لما يتسمى على اسمهم المترو»..
في هذه اللحظة انفتح الباب ونزل عم راضي ليمضي في طريقه ولكن استوقفه أحد الشابين قائلاً: «معلش يا حاج بس أنا عايز أقول لك حاجة.. إحنا عارفين إنهم مش هياخدوا حاجة.. بس التسمية دى كتكريم لهم وفخرنا بيهم».. ابتسم له عمّ راضي ووضع يده في الظرف الذى يحمله وأخرج الورق الذي بداخلة وأمسك بيده صورة علي وقال: «دي صورة الشهيد علي راضي.. ابني الحيلة.. المحامي.. كان لسة له ترم ويتخرج ويبقى محامي قد الدنيا.. صرفت عليه دم قلبي عشان أشوفه محامي».. وفحص الورق مرة أخرى وأخرج ورقة ووجهها إلى أحد الشابين وقال: «وده التقرير الطبي اللي بيقول إن سبب الوفاة رصاصة من أعلى الرأس إلى الرقبة.. رصاص قناصة الشرطة يا ابني».. رد عليه أحد الشابين: «الله يرحمه.. ابنك فخر لينا والله يا حاج».. قاطعه عم راضي «فخر إيه يا ابني بس؟.. دا بيقولوا عليه بلطجي عشان طالبنا بحقه.. عشان طالبنا بمحاكمة اللي قتله.. بعد ما سرقوا حلمه بيقولوا عليه بلطجي.. وأنا اللي كنت يا ابني مستنيه يتخرج عشان يشيل عني الحمل.. يقوم هو يزود علَيَّ الحمل ويموت.. ربنا يجازيك يا علي زودت حملي.. بلاش يا ابني والنبي الكلام اللي إنتوا بترددوه ده عشان إنتوا بتتكلموا واحنا بنتقهر.. ما احنا مرميين عند ماسبيرو أهو ولا حد معبّرنا.. هم اللي عند ماسبيرو دول مين يعني؟؟..ما بتتفرجش عالتلفزيون ومعرفتش مين اللي عند ماسبيرو»..
هنا تدخل شخص من هؤلاء المارّة الذين دفعهم الفضول و(تلميع الأُكَر) لمعرفة سبب تجمهر بعض الناس حول عم راضي والذي انضم لتَوِّه معلقًا عند سماع جملة (الناس اللي عند ماسبيرو): «والله العظيم يا عم الحاج الناس اللي معتصمين عند ماسبيرو دول شوية بلطجية عايزين الحرق.. ده الواحد بيلف لفة أم العروسة عشان هم قافلين الطريق.. عايزين إيه تاني.. هايجيبوا لهم فلوس منين يعني.. بلاش طمع بقى.. البلد خربت والاقتصاد اتدمر».. نظر عم راضي إلى هَذين الشابين، وبصلابة يُحسَد عليها قال: «عليك العوض ومنك العوض يارب.. الله يرحمك يا علي».. وذهب في طريقه بعيدًا..
«ربنا يحميك يا ابني» هكذا تمتم بها ثانية وهو يتذكر ما حدث مصحوبًا بدمعة مختَفِية وراء عيون شامخة أبت أن تظهر الانكسار أبدًا.. ورفع نظره إلى أعلى وأخذ ينظر إلى الجالسين حوله في عربة المترو وتمتم مكررًا: «ربنا يحميك يا ابني».. ثم نظر إلى الظرف الأصفر الذى يحمله في يده وردد مرة أخرى بكل أسًى: «ربنا يحميك يا علي يا ابني».. ووضع يده على عينيه ليمسح الدمعة التى أوشكت أن تجري على خده وردد: «اللهم لا اعتراض.. اللهم لا اعتراض.. اللهم يا حنّان لا اعتراض على قضائك»...
ثم نهض من مكانه لاقتراب محطة النزول.. وعند وصوله بالقرب من الباب سأل الرجل الذى يقف أمامه: «نازل مبارك يا أستاذ؟؟».. هنا نهرَه بحدة هَذانِ الشابانِ اللذانِ يقفان في الجوار: «اسمها الشهداء يا حاج.. الشهدااااء ماعادتش مبارك خلاص.. مبارك المخلوع انتهى وانتهت أيامه».. نظر إليهم عمّ راضي بنظرة عينيه التي يتلألأ منهما الضي قائلاً: «الشهداء!!.. مبارك!!.. مش هاتفرق يا ابني».. اعترض أحد الشابين: «لأ إزاى يا حاج.. فيه فرق كبير.. مبارك ده ابن وس_تييييت حرامى.. وبينا وبينه دم الشهداء».. تهَكّم عمّ راضي «ما خلاص يا ابني اللي راح راح.. يعني الشهداء هياخدوا إيه لما يتسمى على اسمهم المترو»..
في هذه اللحظة انفتح الباب ونزل عم راضي ليمضي في طريقه ولكن استوقفه أحد الشابين قائلاً: «معلش يا حاج بس أنا عايز أقول لك حاجة.. إحنا عارفين إنهم مش هياخدوا حاجة.. بس التسمية دى كتكريم لهم وفخرنا بيهم».. ابتسم له عمّ راضي ووضع يده في الظرف الذى يحمله وأخرج الورق الذي بداخلة وأمسك بيده صورة علي وقال: «دي صورة الشهيد علي راضي.. ابني الحيلة.. المحامي.. كان لسة له ترم ويتخرج ويبقى محامي قد الدنيا.. صرفت عليه دم قلبي عشان أشوفه محامي».. وفحص الورق مرة أخرى وأخرج ورقة ووجهها إلى أحد الشابين وقال: «وده التقرير الطبي اللي بيقول إن سبب الوفاة رصاصة من أعلى الرأس إلى الرقبة.. رصاص قناصة الشرطة يا ابني».. رد عليه أحد الشابين: «الله يرحمه.. ابنك فخر لينا والله يا حاج».. قاطعه عم راضي «فخر إيه يا ابني بس؟.. دا بيقولوا عليه بلطجي عشان طالبنا بحقه.. عشان طالبنا بمحاكمة اللي قتله.. بعد ما سرقوا حلمه بيقولوا عليه بلطجي.. وأنا اللي كنت يا ابني مستنيه يتخرج عشان يشيل عني الحمل.. يقوم هو يزود علَيَّ الحمل ويموت.. ربنا يجازيك يا علي زودت حملي.. بلاش يا ابني والنبي الكلام اللي إنتوا بترددوه ده عشان إنتوا بتتكلموا واحنا بنتقهر.. ما احنا مرميين عند ماسبيرو أهو ولا حد معبّرنا.. هم اللي عند ماسبيرو دول مين يعني؟؟..ما بتتفرجش عالتلفزيون ومعرفتش مين اللي عند ماسبيرو»..
هنا تدخل شخص من هؤلاء المارّة الذين دفعهم الفضول و(تلميع الأُكَر) لمعرفة سبب تجمهر بعض الناس حول عم راضي والذي انضم لتَوِّه معلقًا عند سماع جملة (الناس اللي عند ماسبيرو): «والله العظيم يا عم الحاج الناس اللي معتصمين عند ماسبيرو دول شوية بلطجية عايزين الحرق.. ده الواحد بيلف لفة أم العروسة عشان هم قافلين الطريق.. عايزين إيه تاني.. هايجيبوا لهم فلوس منين يعني.. بلاش طمع بقى.. البلد خربت والاقتصاد اتدمر».. نظر عم راضي إلى هَذين الشابين، وبصلابة يُحسَد عليها قال: «عليك العوض ومنك العوض يارب.. الله يرحمك يا علي».. وذهب في طريقه بعيدًا..