إن أحببتها
-1-
((خض معركتك))
عمومًا أنا ضد (القولبة) لا أطيق -أبدًا- الأحكام المطلقة أو المعممة! خلقنا الله عز وجل في هذه الحياة متباينين ومختلفين, لا يشبه أحدنا الآخر. لهذا, فليس الأمر هنا لإطلاق الأحكام, أو التوصيفات, لا أقولب هنا لكنّها محاولة.
لسبر أغوار ذلك الكائن الرقيق الغامض المسمى المرأة.. وهي أولاً وأخيرًا محض محاولة لا يقين فيها.. فالمرأة عمومًا كائنٌ لا يُفهَم, لكن
دعنا نحاول. ربما ستروقك المحاولة إن كنت من هؤلاء المخابيل الذين يؤمنون أن نوعًا ما من معادلات الكيمياء والفيزياء وقوانين الجذب قد تحدث بين روحين, فتُحدث بكل روحٍ منهما شيئًا جللا وتفعل بهما الأفاعيل، هؤلاء المخابيل -وأنا منهم- يسمون هذا الطلسم الذي يحدث بأرواحهم -عشق-!
"الحب مواجهةٌ كبرى.. إبحار ضد التيّار.. صيبٌ وعذاب ودموعٌ .. ورحيل بين الأقمار"* نزار قباني.
نقر بهذا كمبدأ، ثم نذهب للنقطة الثانية فنقول لابد أن نقر أيضا أن المرأة كائن مختلف, لا تحاول أبدا أن تنسى هذا!
لا تحسبها مثلك -فهي ليست كذلك-! لا تحكم على الأمور بمنظارك, عليك أن تؤمن أن اختلافًا ما بينكما في النظرة للأمور, يرجع لهذا لأنها من طبيعة أخرى! فهي حقًا مخلوق عجيب, رقيقٌ جميل, قد يحيل كل ما يحيط بك إلى جمال لا ينتهي. قادرةٌ هي أن تغير طعم الحياة, أن تعيد تشكيل الأحاسيس والمشاعر بداخلك, أن تلغي إحداثيات وجودك بهذه الحياة و تعطيك بدلاً منها إحداثيات جديدة!
فتصعد بك إلى حيث النجوم والكواكب وكل ما لا تدركه حواسك وأنت بالأرض. تأخذك إلى مستوى آخر من السعادة والرضا وقبول الحياة بكل مشاكلها ومآسيها، قادرة هي أن تكون ملاذًا وحضنًا دافئًا تختبيء به فيحميك ويطعمك ويسكب الدفء بين أوصالك, فهي تمتلك المرآة فرشاة من نوع خاص، تلون بها الوجود حولك -إن أرادت- فتحيله إلى ديمومة من الجمال والعذوبة.
"ولو خلط السم المذاب بريقـها ... وأُسقيـت منهُ نهلةً لبريـت"* قيس بن الملوح.
لكن، حذرًا! قادرة هي أيضا أن تطعنك بين ضلوعك, و أن تحيل كل ما يحيط بك إلى جحيم أبدي.!
أن تنفذ إلى روحك سهمًا مسمومًا ربما لا تشفى منه أبدًا! هكذا هو العشق, بحرٌ خضم, يعود البعض منه محملاً بكل نفيسٍ وغالٍ، ويعود البعض بجرحٍ قد لا يندمل!
"رفرف القلب بجنبي كالذبيـح... وأنا أهتف يا قلب اتئــد!
فيجيب الدمع والماضي الجريح... لم عدنا؟ ليت أنّا لم نعــد!"* إبراهيم ناجي.
لذلك فإن أحببتها فلا تتردد, إن العشق كالطفل الصغير الذي يتكون بين أحشائك, كنبتة تزرع بروحك, كمخدر تزداد جرعته بالدم تدريجيا.
لا تدع هذا الكائن الغامض ينمو بداخلك قبل أن تطمأن أنك لن تعاني حتى تقتلعه! إن شعرت أن ما بداخلك هو بذرة حب وهوى فأقطع الشك باليقين ولا تخشى شيئا, اسألها و صارحها بأي طريقة تريد, المهم ألا تبقى أبدا أسير حب من طرف واحد, حدد موقفك بوضوح وخض المعركة لأنك لابد ستخوضها عاجلا أو آجلا! كن على يقين أنه لا أسوأ مما عليه أنت الآن! لا تعمتد هنا على إشارات أو دلالات, لا تعتمد على ضبابية، فالمرأة بطبعها تهوى هذه الألعاب والأحاجي بإرادتها أو رغمًا عنها, ثق أنها تريد الاهتمام من الجميع! وقد
تبتسم للجميع! وقد.. وقد.. وقد.. للجميع أيضًا!! سل نفسك هذا السؤال دائماً "ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟؟" سترفضك؟! حسنا رفض اليوم أفضل كثيرا من رفض الغد! تمر ذكرى العشق بالروح لا محالة وتجول بالخاطر وتدمى الفؤاد ولا كبر في ذلك، لكن كلما قلت الذكريات وكلما قلت التفاصيل في قصة الحب كلما كان نسيانها سهلا، وكلما كان المضي قدما بعد ذلك أسهل! نحن نظل نتناسى حتى ننسى هذه حقيقة.
الثابت فى المعادلة هنا هو التفاصيل.. الزمن.. مدة العلاقة أو لنكون أكثر دقة مدة تمكن هذا الإحساس من الروح. وربما وجدت القبول من طرفها وهذا سيوفر عليك الكثير من ضنى العشق وكثير من الوقت والهواجس تجول بخاطرك!
-2-
((تريث إنه ماراثون))
إن أحببتها و علمت أنها تحبك أيضا, يقينا وقولا وفعلا,, فتريث مره آخرى! لا تعطِ كل ما بداخلك دفعة واحدة, هذا-لعمري- خطر جدا أنت هنا تتوقع أن الأمر أشبه بسباق مئة متر للعدو, تجري بأقصى سرعة لديك من بعد سماع طلقة البداية! تثبت لها أنك عاشق حتى الثماله.. تهديها وردًا، وتكتب لها شعرا، وتغلق عينيك فلا ترى غيرها, تفعل ما تطلبه, دائما أنت هناك وقتما تريد -أيًا كان موقع ذلك الـ"هناك"!, تفعل المستحيل حتى تكون لك وحدك! مهما تطلب الأمر فأنت جاهز, تجتهد في عشقها ماديا ومعنويا وعلى كافة الأصعدة!
فتكسب السباق وتصبح الفائز الأول وتتوج فوق قلبها, ثم تذهب لتلطقك أنفاسك وأنت راضٍ عما أنجزت.
حسناً، هذا خطأ فادح! ليس الأمر كذلك, فالأنثى بطبعها وتكوينها لا يرضيها أبدا مستوى ثابت للعلاقة، لا يرضيها أن تثبت لها كل شيء وتقدم لها كل ما عندك ثم تذهب مطمئنا أنك أديت ما أستطعت وتأكدت هي من نبل مشاعرك وأنك حقها، تهواها، هي دوما تنتظر المزيد! مهما كان ما قدمت بالأمس, فهي اليوم تحيا في اليوم ولا تنظر للأمس ولا يرضيها شعور الأمس! ولا يرضيها أن تقدم لها اليوم مثلما قدمت بالأمس! الأمر هنا أشبه بسباق الماراثون والذي يمتد لمسافات طويلة جدا, وعليك دوما أن تدخر جهدك لأن القادم أصعب!
عليك أن تقدم اليوم شيئا ولتكن متأكدا أن غدا لديك المزيد لتقدمه! إن قلت اليوم كلاما ناعما, فكلام الغد يجب أن يكون آشهى وأحلى, إن فاجئتها اليوم فعليك أن تفاجئها غدا بشكل أكبر و أعتى على التصور. كم من قصص رأيتها بأم عيني, كانت أقرب للأساطير, أشبه بقصائد شعرٍ لشاعر موهوب, كان الهيام والشوق والإخلاص والوفاء والعذرية هي ملامحها كانت التضحية والوفاء والجدية هي أركانها وأنتهت بين ليلة وضحاها, وكانت الأنثى هنا دوما تلوك مفردات من نوعية (أهملني-منشغل عني-ما عاد كما أعتدت من قبل- تغير شيء بداخله-لم يعد هو).
"يافؤادي لا تسل أين الهوى... كان صرحا من خيالٍ فهوى
اسقني واشرب على إطلاله... وأروى عنّي طالما الدمع روى"* إبراهيم ناجي.
هنا نفس الفاجعة ! التى حدثتك عنها, قدم كل ما لديه ثم ثبتت العلاقة, لم يهمل لكنه لم يقدم المزيد فرأت هذا إهمالا وهكذا قررت وهكذا هي ترى الأمور فعلا بينما حقا هي ليست كذلك! إنه فقط لم يقدم المزيد! لا تظلمها هنا وتتهمها بالجحود والنكران والادعاء! هذا شعورها! وهكذا خلقت! وهكذا ستبقى! لا تقدم كل ما بداخلك دفعة واحدة وتريث, لا ترتكن أبدا لما قدمت بالأمس,, اجتهد في حبها وإرضائها, فالمرأة التى تحبك تستحق! كن لها كل شىء واقترب وزد وارتقى, دللها وصادقها وصاحبها واهتم لأمرها, دعها تشتهي أيا كان ما تشتهي وكن فى الميعاد بما اشتهت, وحارب الوجود لأجلها.
"لو تطلب البحر في عينيك أسكبه... أو تطلب الشمس في كفيك ألقيها"* نزار قباني.
"وأبكى.. وأبكي.. لعل دموعي إذا لامست ثغره يبسم"* عبد الوهاب البياتي.
اسق وردتك واجتهد فى رعايتها, فتخرج لك أريجها وألوانها وعطرها الفواح. قدم لها بقدر ما تكون متأكدًا أنك غدا ستعطى المزيد,, قدم اليوم و قدم غدا أكثر هكذا، تشعر بديمومة مشاعرك وتجددها وأنك حقها تهواها غير ذلك.. ستغني((ظلموه ..ظلموه))