في رحاب قاهرة المعز

 الصفحة بيضاء.. ها أنا أعود من جديد. اللون الأبيض يستفزني في تحدٍ لأكتب شيئا جديدًا. القلم يعجز عن إخراج من يعبثون بداخلي ويتحدثون بصوت واحد فكل يطالب بأن يروى قصته.
أتجاهلهم وأنظر من نافذة العربة وأستمع إلى موسيقى جبران شجن. هل مصادفة أن أستمع إلى هذه الموسيقى وأنا أنظر إلى شوارع القاهرة؟ شوارع القاهرة الخالية إلى حدٍ ما من المارة في هذه الساعة المبكرة من الصباح. يلطخها الطلاء الحديث لمحاولة لإضافة روح على وجه القاهرة البائس.

دائما ما أقول أن القاهرة كفتاة ليل تبث لمن حولها بالنشوة والسعادة وهي بداخلها حزن دفين. هكذا أرى القاهرة كفتاه "جيشا" بطلائها الجديد تحاول أن ترقع ما أخلفه لها الزمن، تستقبل يوما جديد بشبه ابتسامة وأشلاء وطن. لم يعد هذا، وعلى أي حال لم تكن لي القاهرة كوطن منذ بداية ولادتى إلى لحظة كتابة هذه السطور. ربما كانت محاولاتي لأستدرجها لتكون وطنًا هي محاولات بائسة، أتذكر في المرة الأخيرة التي شعرت بهذه الحميمية تجاة القاهرة....
صيف 2005

أتذكر هذا اليوم جيدًا.. إنها السابعة صباحا، أحاول أن أكتشف روح القاهرة المسجونة خلف عربات الأمن المركزي. أخطو آخر خطواتي على سلم دار القضاء العالي، وأسلمها لمصيرها المحتوم وأمضي في طريقى في صمت. أسترجع موسيقى جبران وأستحضر الكلمات التي كانت شجن هي خلفيتها.

على هذه الأرض ما يستحق الحياة:
تردد إبريل
رائحة الخبزِ في الفجر
آراء امرأة في الرجال
كتابات أسخيليوس
أول الحب
عشب على حجرٍ
أمهاتٌ يقفن على خيط ناي
وخوف الغزاة من الذكرياتْ.
هاهو معشوقي ومصدر كآباتي وعشقي درويش يتغزل في درتي الشعرية "فلسطين".

أسرق إليكِ هذه الكلمات مصالحة تعويضا عما قد صدر مني من إساءات، وأعلم في قرارة نفسي أن ما يستحق الحياة ينتظرني في مكان ما على أرض القاهرة.
 
كتاب المئة تدوينة. Powered by Blogger.

التصنيفات

القائمة الكاملة للتدوينات

 

© 2010 صفحة التدوينات المرشحة لكتاب المئة تدوينة